الشارقة 24:

يختتم عام المجتمع لدولة الإمارات العربية المتحدة 2025، حيث دعا العام كل من يعتبر دولة الإمارات وطنًا له في المساهمة وبناء مجتمع يقوم على التواصل والمشاركة والتطوير. وتحت شعار “يداً بيد”، أبرز عام المجتمع أهمية تعزيز ثقافة الوحدة والنمو والعطاء وترسيخ الروح التي تجمع أفراد المجتمع ومؤسساته نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.

كما شهد عام المجتمع أشكالاً متعددة من التعاون مع الجهات الوطنية والمؤسسات، وشارك المبدعون المحليون بحرفيتهم ورؤاهم الإبداعية لتشكيل تجارب ذات معنى، وساهم أيضاً أفراد الجمهور بمهاراتهم وقصصهم الشخصية، إذ شكّلت هذه الشراكات معاً جهداً متكاملاً لتعزيز الروابط التي تُعرِّف المجتمع في دولة الإمارات.

أفادت روضة الفلاسي، مدير مشروع عام المجتمع: “يتميز مجتمع دولة الإمارات بتنوع أفراده وخلفياتهم وثقافاتهم ومسارات حياتهم. وخلال العام، أثرى هذا التنوع التفاعل بين أفراد مجتمعنا. ومن خلال العمل الجماعي، توحدنا وساهمنا في نمو مجتمعنا، كما عكست كل شراكة وتعاون حكاية مجتمع مترابط يدفع بعجلة التقدم دوما إلى الأمام”.

“من الـ(بــ) في حياتكم؟”: دعوة لتكريم كل يد معطاءة

وفي إطار تحويل شعار “يداً بيد” إلى أفعال يومية وقصص واقعية، أطلق عام المجتمع دعوة مفتوحة “من الـ (بــ) في حياتكم؟”، دعوةً مفتوحة للجمهور لتكريم كل يدٍ معطاءة في محيطها، ممن لا يتوانون عن مدّ العون لمن حولهم وتسهم سواعدهم في بناء المجتمعات ويغدون مصدر إلهام لغيرهم. وقد استمدّت الحملة معانيها من أهداف الشعار الرسمي لعام المجتمع “يداً بيد”، ومن الدلالة الرمزية لحرف الباء (بــ)، بوصفه رمزًا يجمع الأيادي المتعاونة ويؤكد معنى التكاتف والوحدة.

ومن بين القصص الملهمة، قصة ترويها عُلا اللوز، تقول فيها: “حين أفكّر في كل إنجاز وصلتُ إليه، أجد عبير حاضرة في الصورة، تقف إلى جانبي وتدفعني بثبات. فهي ليست مجرد أختي التوأم، بل هي الـ (بــ) في حياتي، بداية كل دافع وبريق الأمل حين يخفت وأساس الثقة التي لا تهتز. واجهنا التحديات كتفًا بكتف، نُكمل بعضنا في الفكر والدعم والطموح. يدًا بيد، لا نكرّر الخطوات، بل نصنع طريقًا خاصًا بنا”.

أما الـ (بــ) في حياة عائشة خلفان هو الشيخ زايد، حيث قالت: “الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، في حياة كلٍّ منّا. إذ امتدّت من يديه الخيوط الأولى للاتحاد والألفة والتعاطف في هذا الوطن، خيوطٌ ما زالت تصل بين القلوب حتى يومنا هذا. كل خيطٍ في هذا العمل الفني يمثل روحه الكريمة، تمتد لتصل الجميع، وتجمعنا يدًا بيد، أسرةً واحدة”.

وعبرت فاطمة الكتبي: “عمّتي شمسة هي الـ (بــ) في حياتي، إذ إنها تربط بين الجميع بهدوء مليء بالعناية والدفء. بيتها هو المكان الذي نجتمع فيه وكلماتها تحمل الطمأنينة في نفوسنا وحضورها يبقينا متماسكين. تحكي لنا قصص الماضي وأحاديث أجدادنا، وتمدّني من خلال معرفتها بثقافتنا بما أحتاجه لأبدع في عملي وأشكّل تصاميمي”.

الاحتفاء بالعطاء

لم يقتصر الاحتفاء بالمجتمع على القصص الفردية فحسب، بل امتد ليشمل تكريم الأفراد الذين كرّسوا جهودهم لخدمة الآخرين، وأسهموا بعطائهم في تعزيز معاني المجتمع. فمن خلال التعاون مع جائزة أبوظبي، المبادرة الحكومية التي تُقام برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، تُكرّم الجائزة الأفراد الملهمين الذين كرّسوا أنفسهم بلا مقابل لدعم الآخرين، تم تسليط الضوء على مسيرة بعض الحاصلين على الجوائز الذين تستمر مساهماتهم في إثراء المجتمع وإلهام الأجيال القادمة، ومنهم ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺓ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻲ، التي كرّست حياتها لتعليم وتدريب الممرضات والممرضين في دولة الإمارات، وعبد المقيت عبد المنان، الذي ألهمت فكرته في تحويل الصحف القديمة إلى أكياس ورقية، الكثيرين لاختيار الاستدامة والتوقف عن استخدام البلاستيك، وسعادة كليثم عبيد المطروشي، التي جسدت قصتها الملهمة دافعًا لتعزيز الوصول الشامل لأصحاب الهمم.

كما عزز التعاون مع مؤسسة الإمارات في إبراز دور أبطال المجتمع وتشجيع وتحفيز العمل التطوعي بما في ذلك مبادرة “7 فرص تطوعية في 7 إمارات” التي ركزت على تطوير فُرص تطوعية وعلى وجه الخصوص “التطوع التخصصي”، بما يعكس الإرث الأخلاقي والقيم لمكونات المجتمع الإماراتي الذي يعتبر التطوع نهجًا ثابتًا ومستداماً في الدولة.

مساحات للمهارة والإبداع والتلاقي

كما شكّل الإبداع المحلي أداة أساسية للتعبير عن قيم عام المجتمع، حيث أثمرت الشراكة مع اصنع أبوظبي المساحة التي تركّز على بناء المهارات الإبداعية وتعلّم الصناعة والتصميم والهندسة والفنون على توفير فرص للتعلم والإبداع وبناء المجتمع.

كما أتاح التعاون مع سينما عقيل، منصة السينما المستقلة الرائدة في دولة الإمارات، لعشاق الأفلام والقصص والعائلات والأصدقاء حضور ليلة سينمائية مفتوحة احتفت بالقصص التي تعزّز روح الترابط.

“نوثق”… أرشيف بصري للذكريات واللحظات المشتركة

احتفاءً بالذكريات المشتركة وجمال الأحياء وروح المشاركة، شكّلت مبادرة “نوثق”، التي أُطلقت عبر الموقع الرسمي لعام المجتمع، أرشيفاً متنامياً للصور والذكريات، جمع بين الأفراد من جميع الإمارات السبع لتوثيق الأماكن واللحظات، ولمحات من الحياة اليومية التي عكست تنوع المجتمع وحيويته.

عكست المشاركات تنوّع الذكريات التي تشكّل الحياة اليومية في الإمارات، حيث وثّقت لطيفة المزروعي دفء حضور الجدة بوصفه ذاكرة عائلية حيّة، وسلّط عبد الله طاهر الضوء على قيمة اللقاء والزيارة من خلال لحظة غروب الشمس التي جمعت الإخوة في حيّ الفهيدي، بينما أعاد عبد الله الأستاد إحياء عادات العيد القديمة عبر التقاط صورة للأطفال في بقالة الفريج. وتحفظ هذه اللقطات جمال أحياء الوطن، وتوثّق روح المجتمع وقيمه التي تتجسّد في تفاصيل الحياة اليومية.

الإبداع الجماعي والشراكات المحلية

ساهمت روح الإبداع الجماعي، وبالتعاون مع فرجان دبي، في تطوير أغنية يوم الميلاد الإماراتية التي صاغها المجتمع عبر روابط تجمعه وذكريات يتشاركها، فمزجت بين الموسيقى والذاكرة والسرد الثقافي لتشكّل لحنًا جديدًا.

ودعت مبادرة عام المجتمع الأفراد من مختلف أنحاء الدولة للمساهمة في هذا العمل المجتمعي الأصيل، ما عكس روح الانتماء والتعاون في دولة الإمارات، حيث شارك في إعدادها طلاب المدارس والشعراء والمغنون الهواة والموسيقيون.

كما شهد عام المجتمع تعاونًا متناميًا مع المبدعين المحليين، حيث تم تصميم وإنتاج سلسلة محدودة من مطبوعات الريسوجراف التي تعكس روح عام المجتمع بالتعاون مع استوديو فل سبيشل، أول استوديو تجاري مستقل للطباعة الريسوجرافية في دولة الإمارات.

بينما نتج عن التعاون مع المصممة نور الفهيم، مؤسسة ذا نور كرييتف، تصميم منتجات مستدامة تعكس العادات المحلية المرتبطة بالنزهات. كما أسفر التعاون مع دينه الهاشمي مؤسسة سكيل لاب، عن إنتاج مجموعة روائح عطرية دافئة ومميّزة تعكس القصص والمشاعر التي تشكّل الحياة المجتمعية.

“الإمارات كرافت”… اللعب والتعلّم والانتماء

وفي امتداد طبيعي لهذا النهج، ركز عام المجتمع على مخاطبة الأجيال الناشئة، لغرس القيم المجتمعية من خلال التعلم والابتكار، حيث تم تنظيم فعالية تحدي البناء تمهيدًا لإطلاق لعبة الإمارات كرافت: النسخة المجتمعية، جمعت الفعالية بين الطلاب ليتعاونوا على التصميم والبناء بهدف تعزيز العمل الجماعي والإبداع وفهم البيئات المتنوعة في دولة الإمارات، من الصحاري إلى الجبال والقرى والمناطق البحرية والمستنقعات.

ستقدم لعبة الإمارات كرافت: نسخة المجتمع التي سيتم إطلاقها قريبًا باللغتين العربية والإنجليزية، تجربة تعليمية مبتكرة للأطفال من 6 إلى 12 عامًا، تجمع بين اللعب والتعلم وتعكس قيم الوحدة والعطاء والنمو عبر تطوير واحة الإمارات واستكشاف خمس بيئات تفاعلية مستوحاة من تراث الإمارات: القافلة، الفريج، الغوص، الجبل، والقرم. حيث يلتقي اللاعبون بمجموعة من الشخصيات التي تمثل جوانب مختلفة من التراث الإماراتي وبيئاته هم: سهيل، أول شخصية تستقبل اللاعبين في الواحة، الذي يرحب بهم ليبدأوا رحلة الاستكشاف والتعلم، ميثاء التي تدعو اللاعبين للمساعدة في حماية الحياة البرية والحفاظ على الطبيعة، وفارس الذي يقدّم تحديات تعليمية في معسكر الخيول لتعزيز المهارات العملية والتعاون. وعوشة صقّارة شابة، تطلب الدعم في إيجاد صقورها، لتعلّم اللاعبين عن الصيد بالصقور والقيم المرتبطة به. خلال هذه الرحلة، سيشارك الأطفال في مهام وأنشطة تعزز الإبداع والتعاون والمشاركة المجتمعية، وصولًا إلى مركز ابتكار مستقبلي يعكس ما يمكن أن يتحقق عندما يعمل المجتمع يداً بيد، مقدمًا تجربة تعليمية ممتعة.

قياس الأثر من خلال المشاركة المؤسسية

شملت المشاركات مساحات رقمية وميدانية على حد سواء، حيث أتاحت منصة قياس الأثر لمبادرات عام المجتمع الفرصة للمؤسسات والشركات تسجيل المبادرات وقياس الأثر وتعزيز المساهمة المجتمعية من خلال عرض إسهاماتها وتوثيقها وقياس أثرها.

شهدت المنصة إقبالًا واسعًا، حيث تم تسجيل أكثر من 350 مبادرة مجتمعية من مختلف إمارات الدولة، عكست تنوّع مجالات العمل المجتمعي واتساع نطاق المشاركة المؤسسية. وتراوحت المبادرات بين العمل الثقافي والتعليمي والمبادرات الصحية والإنسانية.

كما شملت المشاركات مبادرات بيئية وبرامج التمكين المجتمعي، فضلًا عن المجالس المجتمعية، والفعاليات التراثية. وأسهمت هذه المشاركات مجتمعة في بناء صورة شاملة للأثر المجتمعي، وتأكيد دور المؤسسات كشركاء فاعلين في ترسيخ قيم المسؤولية المشتركة والعمل يدًا بيد.

ومع اختتام عام المجتمع، يتجلّى أثر ما بُني يداً بيد في مجتمع يحتفي بتنوّعه ويستثمر في أفراده، حيث تتجسّد الوحدة والنمو والعطاء كمسارات مستمرة تتجدّد عبر الشراكات والقصص والمبادرات، وتمتد آثارها إلى المستقبل.

على مدى العقد الماضي، أسهمت مبادرة أعوام الإمارات السنوية في ترسيخ القيم الوطنية وتشجيع المشاركة الفعالة وتعزيز حسّ المسؤولية المشتركة، مؤكّدةً أن الانتماء فعلٌ يُبنى ويُشارك ويُجدَّد عبر الممارسات والأفعال المجتمعية.