Published On 18/12/202518/12/2025

|

آخر تحديث: 12:31 (توقيت مكة)آخر تحديث: 12:31 (توقيت مكة)

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

في شتاء قاسٍ يضرب قطاع غزة، تتفاقم معاناة مئات الآلاف من النازحين الذين يعيشون في خيام متهالكة أو داخل مبانٍ مدمرة، وسط أمطار غزيرة وبرد شديد وانهيار شبه كامل للبنى التحتية.

وقالت صحيفة لوفيغارو إن ثلاثة رضع توفوا منذ بداية الشتاء بسبب انخفاض حرارة أجسامهم بعد غرق خيام عائلاتهم، في مشهد يلخص هشاشة ظروف الحياة بعد أكثر من عامين من الحرب.

اقرأ أيضا list of 2 itemsend of list

كانت رهف أبو جزار في شهرها الثامن حين توفيت من شدة البرد في خان يونس، وقالت والدتها “كانت بخير. أرضعتها في الليلة السابقة ثم وجدتها متجمدة وترتجف”، وقد توفي طفلان آخران بالطريقة نفسها منذ بداية الشتاء في هذا القطاع المدمر.

تعرضت عشرات المنازل الفلسطينية للغرق في مدينة رفح أقصى جنوبي قطاع غزة، مساء اليوم الجمعة، جراء الأمطار الغزيرة بفعل المنخفض الجوي "هدى" الذي ضرب القطاع منذ يوم الثلاثاء الماضي.عشرات المنازل الفلسطينية تعرضت للغرق في مدينة رفح أقصى جنوبي قطاع غزة (الأناضول)

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مراسلها في القدس ستانيسلاس بوييه- أن عائلات كاملة تعيش في مخيمات أقيمت على أراضٍ منخفضة تتعرض للغرق مع أولى العواصف، إذ تتسلل المياه والرطوبة إلى الخيام، وتبتل الأغطية والفرش، ويضطر الأطفال للنوم بملابسهم المبللة بحثا عن شيء من الدفء المعدوم.

لا يوجد شيء

وقد أغرقت العواصف الأخيرة مخيمات بأكملها، وحوّلت الطرق المدمرة إلى مستنقعات من الوحل، وأدت إلى انهيار مبانٍ كانت متضررة، مما أسفر عن سقوط قتلى بين عائلات لجأت إلى الأنقاض هربا من الخيام، كما تقول الصحيفة.

ومع تدمير معظم شبكات المياه والصرف الصحي، اختلطت مياه الأمطار بالمجاري، فغمرت الشوارع والملاجئ، وزادت المخاطر الصحية في ظل تحذيرات أممية من تفشي الأمراض التنفسية، كما تقول الصحيفة الفرنسية.

يقول المتحدث باسم اليونيسيف جوناثان كريكس الموجود حاليا في غزة “قد تنخفض درجات الحرارة ليلا إلى نحو 8 أو 9 درجات مئوية. الأمطار غزيرة، وهذه العائلات تعيش في خيام مرتجلة تضربها الرياح، ولا يحميها سوى أغطية بلاستيكية هشة”.

ولا يزال 1.3 مليون فلسطيني بلا مأوى لائق، وفقا للأمم المتحدة، كما يعيش نحو 850 ألفًا في 761 موقع نزوح، غالبا ما أُقيمت في مناطق منخفضة شديدة التعرض للفيضانات وتفتقر لأبسط مقومات الحماية.

وقد أفادت فرق الدفاع المدني -حسب الصحيفة- بغرق خيام بالكامل، واضطرار عائلات إلى قضاء الليل واقفة أو في الخارج لعدم وجود بدائل، تقول ميرفات (44 عاما) “لا يوجد شيء، ولا حتى جدار نتكئ عليه”.

في دير البلح وسط قطاع غزة، تحوّل المشهد إلى مأساة إنسانية مركبة، حيث لم يواجه النازحون البرد بأغطية تقيهم الصقيع، بل بـ"أغطية بلاستيكية ممزقة" لم تمنع عنهم ولا عن أطفالهم سيول المياه التي اجتاحت "مآويهم" الهشة.الأمطار أتلفت آلاف الخيام في أنحاء القطاع (الأناضول)خطر حقيقي

أمام هذا الواقع، يواجه سكان غزة خيارا مستحيلا، إما خيمة لا تقي من البرد والمطر، وإما مبنى متصدع مهدد بالانهيار، وقد استشهد هذا الأسبوع -كما يقول المراسل- ما لا يقل عن 11 شخصا بسبب انهيار مبان كانت متضررة جزئيا، حوصرت فيها عائلات لجأت إليها بحثا عن قدر من الحماية.

وقد اختارت ابتسام مهدي (44 عاما) البقاء في شقتها في حي تل الهوا بمدينة غزة، حسب المراسل، وهي في مبنى من 3 طوابق، وقد تضررت شقتها بسبب قذيفة دبابة إسرائيلية أصابت أحد أعمدتها، مما جعل الجدران تميل نحو الخارج، ومع ذلك تعيش هناك مع زوجها وطفليها، متجمعين في الجزء الأقل تضررا حيث الأرضية شبه مستقيمة.

سكان غزة يواجهون خيارا مستحيلا، إما خيمة لا تقي من البرد والمطر، وإما مبنى متصدع مهدد بالانهيار

تقول ابتسام “عندما ينزل المطر أستيقظ وأنا مبللة. الماء ينساب من السقف على وجهي. نشعر بالهواء يدخل من كل مكان من الشقوق. حتى لو أشعلنا التدفئة لا يدوم الدفء”، ومع ذلك تؤكد أنهم “حتى بهذا الوضع، فهو أفضل من الخيمة”.

ورغم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وتخفيف محدود للقيود على دخول المساعدات، فإن الاحتياجات الإنسانية تبقى هائلة، كما يقول المراسل، في وقت تؤكد فيه المنظمات الدولية أن البرد لم يعد مجرد معاناة موسمية، بل تحوّل إلى خطر حقيقي يهدد حياة المدنيين، ولا سيما الأطفال.